الخميس، 15 يناير 2009

ليـ...














اعتدت.. طوال مراحل حياتي..

على تعددها واختلافها..

ورغم اختلاف الأماكن التي قضيت فيها سنوات

عمري الرابية على العشرين..

الاّ ان عادتي تلك.. لم تتغير..

اعتدت ان اجد دائماً.. شخص أحبه..

شخص اراه بكثرة.. أهبه مشاعري..

أضحي لأجله.. أفكر فيه..

منذ أن كنت في الصف الأول الإبتدائي..

وقتها..

كانت والدتي تشتري لي الويفر.. والشيبس..

والعصير.. وتجهزها لي في حقيبتي كل صباح..

مع ساندويتشةٍ صغيرة للإفطار..

رغم قسوة الظروف.. ورغم اننا كنا وحيدتين..

دون عائل.. دون أب..

لكنها كانت تتدللني.. وتردد على مسامعي كل صباح..

"هذه لكِ.. أنت فقط.. صديقاتك يملكن آباءً يبتاعون لهن

كل ما يكنّ في حاجته.. لذا لا تتصدقي بها"..

ولفظ "لا تتصدقي" هنا أتى دلالة على الإستهزاء..

لأنني كنت في وضع مادي.. يجعلني من المٌتَصدّق عليهم..

لا المتصدقين..

كنتُ أجاري والدتي.. أحمل حقيبتي.. وأمضي..

وعندما أصل الى باب المنزل.. أعود أدراجي بسرعة خيالية..

ألتقط اصبعاً من الويفر وأخبئه في ملابسي..

واعود حيث والدتي تتساءل لماذا دخلتُ الى الغرفة!!

فأريها مرسمي الصغير بإبتسامة صفراء "نسيته"..

وأذهب..

في وقت الفسحة.. في المدرسة.. أُخرج اصبع الويفر.. بسعادة بالغة..

"مريم.. جلبت لكِ واحداً".. فتتأمله برهة.. ثم تتناوله بسعادة..

بينما أرقبها.. بحب..

وأفكر.. كيف أنها لا تعرف شيئاً عن طريقة حصولي على اصبع الويفر هذا..

فتقطع تفكيري بقولها "لماذا لم تحضري لي مثل هذا" واصبعها الأسمر

يشير الى يدي التي تمسك بالعصير.. وتكمل "انا أحبه"..

فأمد به إليها عن طيب خاطر..

يومها.. تناولت الويفر خاصتي.. والساندويتش المحشو بالجبنة..

وعدت الى البيت ظهراً يكاد يقتلني العطش..

وأمي لا تحار سبباً لشربي لتراً كاملاً من الماء..

"هل بقيتِ في الشمس!!".. فأجيب دون تفكير "آها.. الدنيا حر"..

كانت مريم وقتها.. تحصل على 50 ريالاً كل أسبوع كمصروف يومي من والدها..

رغماً عن ذلك.. لم يكن يهمني سوى أن نضحك معاً.. نجلس معاً..

ونتناول إفطارنا ونحن باسمتين..

....،

افترقنا.. وقابلت غيرها.. وافترقنا.. ورغم انني انتقلت من منطقة

لأخرى.. ومن مدينة لأختها.. وأصبح عمري خمسة عشر عاماً..

ثم سبعة عشر.. دون أن تتغير طريقتي.. هناك دائماً شخص أحبه..

شخص تسعدني ابتسامته.. مشاعر فتاكة من طرف واحد..

بينما الطرف الآخر.. يرى فيها دائماً فرصة رائعة لتمضية

الوقت بشكل غير روتيني..

....،

لم يحدث أبداً أن أحبني شخص ما..

كنت أُثير الإعجاب دوماً.. وواثقة من ذلك.. وكنت مغرورة حتى النخاع..

ولكنني لم أكن محبوبة.. كنت أملك صديقات بالفعل..

ولكنني كنت أتمنى أن يحبني شخص واحد كما أحب أنا..

حب ليس من ورائه منفعه.. الحب.. لأجل الحب فقط..

حتى بيتُّ في نفسي اعتقاداً بأنني أعاني من إنحراف فكري..

ولكنه انحراف لم أفكر في أن أعالجه يوماً.. لأنني آمنت بأنه

أروع من الإبتسامات الصفراء.. افضل من العلاقات المقامة على مصالح..

انه انحرافٌ أحبه.. انحرافٌ اؤمن به.. وأرغب بأن أعيشه دوماً..

....،

عندما وصلت العشرين من عمري.. وأصبحت طالبة جامعية..

أكثر نضجاً.. توقعت أن تلك المشاعر التي كانت غريبة على كل

من عرفوني لن تعاود الظهور.. ولكنني..

قابلتُ شخصاً أروع من أن اكون قادرة على مقاومة حبه..

ملاكٌ.. سقط من السماء..

شخص.. جمع كل روعة الدنيا في هالةٍ حقيقية.. ظننتها وهماً..

ولكنني.. وللمرة الأولى.. تملكني الصمت..

كنت أجبن من أن أملك القدرة على محاولة الوصول اليها..

اجبن من أحاول الحصول على شيء بتلك الروعة..

لذا.. استسلمت.. دون أن أبدأ.. دون أن أحاول..

ومضيت بعيداً.. بعيداً.. حيث أراها.. ولا أزعجها..

....،

لم أحلم.. ولو لمرة واحدة.. بأنني سأكون لشخص مثلما

أصبحت بالنسبة لها.. للحظات.. ظننته وهماً..

أن أكون بالنسبة لشخص مثلها شيئاً.. سعادة لم أحلم بالحصول عليها..

حبها الصادق.. كلماتها الرائعة.. وجودها بجانبي..

كل هذه الأشياء.. تمنحني شعوراً رائعاً يفوق سعادتي..

فأبكي.. دون أن أشعر..

....،

نبض..~

ظننتني أنانية.. لأنني أردتكِ.. كلكِ..

دون أن أستحقكِ.. فعلاً..

سامحيني..


ليست هناك تعليقات: